تقادم الدعاوى التجارية في السعودية والمهل القانونية

تقادم الدعاوى التجارية

هل تعلم أن حقوقك التجارية قد تسقط بمرور الزمن دون أن تدرك ذلك؟ هل أنت على دراية بأن هناك أقل من 80 يوماً فقط تتبقى على سقوط العديد من المطالبات التجارية التي نشأت قبل خمس سنوات في المملكة العربية السعودية؟

إن تقادم الدعاوى التجارية يمثل تحدياً حقيقياً للعديد من رجال الأعمال والشركات في المملكة، حيث يفقد الكثيرون حقوقهم المالية بسبب عدم معرفتهم بالمهل القانونية المحددة لرفع الدعاوى. وفقاً للإحصائيات الأخيرة، فإن أكثر من 40% من القضايا التجارية يتم رفضها شكلاً بسبب انقضاء مدة التقادم، مما يعني خسارة مليارات الريالات سنوياً.

في هذا المقال، سنقدم لك دليلاً شاملاً حول تقادم الدعاوى التجارية في المملكة العربية السعودية، ونستعرض المهل القانونية المحددة في مختلف الأنظمة التجارية، والاستثناءات الواردة عليها، وكيفية حماية حقوقك من السقوط بالتقادم. سنوضح لك أيضاً الإجراءات العملية التي يمكنك اتخاذها لقطع التقادم والحفاظ على حقوقك المالية.

مفهوم تقادم الدعاوى التجارية في النظام السعودي

تقادم الدعاوى التجارية هو مبدأ قانوني يعني انقضاء الحق في رفع الدعوى القضائية بعد مرور فترة زمنية محددة من تاريخ نشوء الحق المدعى به. وقد تبنى المنظم السعودي هذا المبدأ في العديد من الأنظمة التجارية، وأبرزها نظام المحاكم التجارية الذي حدد مدة عامة للتقادم في الدعاوى التجارية.

تعريف تقادم الدعاوى التجارية

يُقصد بتقادم الدعاوى التجارية عدم سماع الدعوى بعد فوات مدة زمنية محددة نظاماً، وبمعنى آخر هو انتهاء حق الشخص في إقامة دعوى قضائية بسبب انقضاء فترة زمنية محددة دون المطالبة بحقه. ذلك أن السكوت عن المطالبة لمدة زمنية طويلة بحسب ما حدده النظام له أثره النظامي الذي قد يحول دون استيفاء الشخص لحقه.

وقد عبر المنظم السعودي عن سقوط الدعوى بالتقادم بما يسمى “عدم سماع الدعوى” أو “عدم قبولها”. ومن المهم التنويه إلى أن الحق نفسه لا يسقط بالتقادم، وإنما تسقط دعوى المطالبة به فقط.

الأساس القانوني ل تقادم الدعاوى التجارية في النظام السعودي

يستند مبدأ تقادم الدعاوى التجارية في النظام السعودي إلى عدة أنظمة، أهمها:

  1. نظام المحاكم التجارية: الذي نص في المادة (24) على أنه: “فيما لم يرد به نص خاص، لا تسمع الدعاوى التي تختص بنظرها المحكمة بعد مضي (خمس) سنوات من تاريخ نشوء الحق المدعى به، ما لم يقر المدعى عليه بالحق أو يتقدم المدعي بعذر تقبله المحكمة.”
  2. نظام المعاملات المدنية: الذي يعتبر النظام الجامع لكل ما يتعلق بالحقوق الخاصة، ما لم يرد عليها نصوص في أنظمة أخرى.
  3. نظام الأوراق التجارية: الذي حدد مدداً خاصة للتقادم في الدعاوى المتعلقة بالكمبيالات والشيكات والسندات لأمر.
  4. نظام السوق المالية: الذي حدد مدداً خاصة للتقادم في الدعاوى المتعلقة بمخالفات السوق المالية.
  5. نظام العلامات التجارية: الذي حدد مدداً خاصة للتقادم في دعاوى العلامات التجارية.
  6. نظام الشركات: الذي حدد مدداً خاصة للتقادم في دعاوى المسؤولية المتعلقة بأعمال الشركات.

الحكمة من تقرير مبدأ التقادم تكمن في استقرار المعاملات وحماية المراكز القانونية، فلا يمكن أن تظل الحقوق معلقة إلى ما لا نهاية، كما أن طول المدة قد يؤدي إلى ضياع الأدلة وصعوبة إثبات الحق.

المدة العامة ل تقادم الدعاوى التجارية

حدد نظام المحاكم التجارية في المملكة العربية السعودية المدة العامة التي لا تسمع بعدها المحكمة الدعوى التجارية، وهي خمس سنوات من تاريخ نشوء الحق المدعى به.

المادة 24 من نظام المحاكم التجارية

تنص المادة (24) من نظام المحاكم التجارية على أنه: “فيما لم يرد به نص خاص، لا تسمع الدعاوى التي تختص بنظرها المحكمة بعد مضي (خمس) سنوات من تاريخ نشوء الحق المدعى به، ما لم يقر المدعى عليه بالحق أو يتقدم المدعي بعذر تقبله المحكمة.”

وعليه فإنه متى كان للشخص (الطبيعي) أو (المعنوي) مطالبة تندرج تحت اختصاصات المحكمة التجارية وفق المادة (16) من النظام ذاته، فإنه حفظاً لحقوقه يتعين عليه التقدم بالدعوى قبل مرور خمس سنوات من تاريخ نشوء الحق المدعى به.

بداية سريان مدة التقادم

تبدأ مدة التقادم في الدعاوى التجارية من تاريخ نشوء الحق المدعى به، أي من التاريخ الذي يصبح فيه الحق مستحق الأداء ويمكن المطالبة به قضائياً. ويختلف هذا التاريخ باختلاف طبيعة الحق:

  • في عقود البيع التجاري: من تاريخ تسليم البضاعة أو من تاريخ استحقاق الثمن.
  • في عقود التوريد: من تاريخ آخر توريد أو من تاريخ استحقاق آخر دفعة.
  • في عقود المقاولة: من تاريخ تسليم العمل أو من تاريخ استحقاق المستخلصات.
  • في عقود الوكالة التجارية: من تاريخ انتهاء الوكالة أو من تاريخ استحقاق العمولة.

ومن المهم الإشارة إلى أن مدة التقادم في الدعاوى التجارية وفق نظام المحاكم التجارية ولائحته التنفيذية تختلف باختلاف تاريخ نشوء الحق، فالحقوق التي نشأت واستحقت قبل نفاذ النظام تختلف عن الحقوق التي نشأت بعد نفاذ النظام.

فأما الحقوق التي نشأت واستحقت قبل نفاذ النظام، فإن مدة التقادم تبدأ من تاريخ العمل بالنظام، وذلك استناداً للمادة (36) من اللائحة التنفيذية لنظام المحاكم التجارية.

الاستثناءات من المدة العامة للتقادم

رغم وجود مدة عامة للتقادم في الدعاوى التجارية وهي خمس سنوات، إلا أن هناك استثناءات عديدة وردت في أنظمة خاصة، تحدد مدداً مختلفة للتقادم في أنواع معينة من الدعاوى التجارية.

تقادم الدعاوى في نظام الأوراق التجارية

نص نظام الأوراق التجارية على مدد خاصة للتقادم تختلف باختلاف نوع الورقة التجارية:

  1. الكمبيالة والسند لأمر:
    • لا تسمع دعوى الحامل باتجاه الساحب أو المظهرين بعد مضي سنة من تاريخ الاحتجاج المحرر في الميعاد النظامي، أو من تاريخ الاستحقاق.
    • لا تسمع دعاوى المظهرين تجاه بعضهم بعض، أو تجاه الساحب بعد مضي ستة أشهر من اليوم الذي وفى فيه المظهر الكمبيالة، أو من يوم إقامة الدعوى عليه.
    • لا تسمع الدعاوى الناشئة عن الكمبيالة تجاه قابلها بعد مضي ثلاث سنوات من تاريخ الاستحقاق.
  2. الشيك:
    • لا تسمع دعاوى رجوع الحامل على المسحوب عليه والساحب والمظهر وغيرهم من الملتزمين بالشيك بعد مضي ستة شهور من تاريخ انقضاء ميعاد تقديم الشيك.
    • لا تسمع دعوى رجوع الملتزمين بالوفاء بالشيك تجاه بعضهم البعض بعد مضي ستة شهور من اليوم الذي أوفى فيه الملتزم، أو من يوم إقامة الدعوى عليه.

تقادم الدعاوى في نظام السوق المالية

نصت المادة 58 من نظام السوق المالية السعودي على أن الدعوى لا تسمع بموجب المواد (55-56-57) منه، إذا تم إيداع الشكوى لدى هيئة السوق المالية بعد مرور سنة من التاريخ المتوجب فيه على الشاكي أن يتقدم به، بعد أن أدرك الحقائق التي جعلته يقتنع بأنه كان ضحية للمخالفة.

كما لا يجوز بأي حال من الأحوال سماع تلك الدعوى أمام اللجنة بعد مرور خمس سنوات من حدوث المخالفة المدعى بها.

تقادم الدعاوى في نظام العلامات التجارية

نصت المادة 47 من نظام العلامات التجارية السعودي على أن مدة التقادم في الحق العام بالنسبة لدعاوى العلامات التجارية تسقط بمضي خمس سنوات من تاريخ ارتكاب المخالفة، دون اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق أو المحاكمة.

كما أكدت على أنه لا يترتب على سقوط دعوى الحق العام أي مساس بالحقوق الخاصة، وبالتالي فإن مدة تقادم الحق الخاص فيما يتعلق بنظام العلامات التجارية هي المدة اللازمة لحماية تلك العلامة، والمتمثلة بعشر سنوات ما لم يقم بتجديدها.

تقادم الدعاوى في نظام الشركات

جاءت المادة 30 من نظام الشركات السعودي بنص عام حول مدة التقادم المتعلقة بالشركات، حيث نصت على أنه باستثناء حالتي التزوير والاحتيال، فإن دعوى المسؤولية لا تسمع بعد مضي خمس سنوات من تاريخ انتهاء السنة المالية للشركة التي وقع فيها الفعل الضار، أو بعد مضي ثلاث سنوات من انتهاء عمل المدير، أو عضوية العضو في مجلس الإدارة أيهما أبعد.

سريان التقادم في الدعاوى التجارية بأثر رجعي من عدمه

من القضايا المهمة المتعلقة بتقادم الدعاوى التجارية مسألة سريان التقادم بأثر رجعي، أي هل تطبق أحكام التقادم على الحقوق التي نشأت قبل صدور نظام المحاكم التجارية؟

تقادم الدعاوى التجارية

موقف اللائحة التنفيذية لنظام المحاكم التجارية

حسمت اللائحة التنفيذية لنظام المحاكم التجارية الأمر فيما يتعلق بالحق المدعى به الذي نشأ واستحق قبل نفاذ النظام، حيث أوضحت اللائحة أن احتساب مدة التقادم تبدأ اعتباراً من نفاذ النظام وذلك استناداً للمادة (36) من اللائحة التنفيذية لنظام المحاكم التجارية والتي نصت على:

“إذا كان الحق المدعى به ناشئاً قبل نفاذ النظام، فتحتسب المدة المنصوص عليها في المادة الرابعة والعشرين من النظام اعتباراً من تاريخ نفاذ النظام.”

وعليه فإن التقادم لا يسري على الدعاوى التجارية بأثر رجعي وفقاً لما سبق توضيحه.

تعرف ايضا على تقادم الدعاوى المدنية

تاريخ نفاذ نظام المحاكم التجارية

صدر نظام المحاكم التجارية بالمرسوم الملكي رقم (م/93) وتاريخ 15/8/1441هـ، ودخل حيز النفاذ بتاريخ 24/10/1441هـ. وبناءً على ما سبق، فإن الحقوق التي نشأت قبل هذا التاريخ، تبدأ مدة التقادم بالنسبة لها من تاريخ 24/10/1441هـ.

وهذا يعني أن جميع المطالبات المالية التي نشأت قبل 24/10/1441هـ ستنتهي فترة إمكانية المطالبة بها بعد مضي خمس سنوات من هذا التاريخ، أي بتاريخ 24/10/1446هـ، ما لم يقر المدعى عليه بالحق أو يتقدم المدعي بعذر تقبله المحكمة.

وحيث أننا الآن في شهر مايو من عام 2025م، فإن هناك أقل من 80 يوماً تتبقى على سقوط المطالبات التجارية التي نشأت قبل نفاذ النظام.

حالات قطع التقادم وإيقافه

رغم أن مبدأ التقادم يؤدي إلى سقوط الحق في رفع الدعوى بعد مرور المدة المحددة، إلا أن هناك حالات يمكن فيها قطع التقادم أو إيقافه، مما يحفظ للدائن حقه في المطالبة.

الإقرار بالحق

من أهم حالات قطع التقادم هو إقرار المدين بالحق، سواء كان هذا الإقرار صريحاً أو ضمنياً. فقد نصت المادة (24) من نظام المحاكم التجارية على استثناء من مبدأ التقادم في حالة إقرار المدعى عليه بالحق.

ويعتبر من قبيل الإقرار بالحق:

  • الاعتراف الكتابي بالدين.
  • سداد جزء من الدين.
  • طلب مهلة للسداد.
  • تقديم ضمانات للوفاء بالدين.

وفي هذه الحالات، تبدأ مدة التقادم من جديد من تاريخ الإقرار.

العذر المقبول

كما نصت المادة (24) من نظام المحاكم التجارية على استثناء آخر من مبدأ التقادم وهو تقديم المدعي لعذر تقبله المحكمة لعدم تقديم الدعوى قبل مرور مدة التقادم.

ومن الأعذار التي قد تقبلها المحكمة:

  • القوة القاهرة التي تمنع المدعي من رفع الدعوى.
  • الغياب خارج المملكة لفترة طويلة.
  • المرض الشديد الذي يمنع من رفع الدعوى.
  • الجهل المعذور بوجود الحق.

وتقدير قبول العذر من عدمه يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة.

المطالبة القضائية

تعتبر المطالبة القضائية من أهم أسباب قطع التقادم، حيث يترتب على رفع الدعوى أمام المحكمة المختصة قطع مدة التقادم، وتبدأ مدة جديدة من تاريخ آخر إجراء في الدعوى.

ويشمل ذلك:

  • رفع الدعوى أمام المحكمة المختصة.
  • تقديم طلب التحكيم.
  • التقدم بطلب إلى لجنة تسوية المنازعات التجارية.

الإجراءات القاطعة للتقادم

هناك إجراءات أخرى يمكن أن تؤدي إلى قطع التقادم، منها:

  • إرسال إنذار رسمي للمدين عن طريق كاتب العدل.
  • الحجز على أموال المدين.
  • التدخل في دعوى الإفلاس.
  • إدخال المدين كطرف في دعوى أخرى.

هذه الإجراءات تؤدي إلى قطع التقادم وبدء مدة جديدة من تاريخ الإجراء.

الفرق بين تقادم الدعاوى التجارية والدعاوى المدنية

هناك فروق جوهرية بين تقادم الدعاوى التجارية والدعاوى المدنية في النظام السعودي، سواء من حيث المدة أو الأساس القانوني أو نطاق التطبيق.

مدة التقادم

تختلف مدة التقادم بين الدعاوى التجارية والدعاوى المدنية:

  • الدعاوى التجارية: المدة العامة للتقادم هي خمس سنوات من تاريخ نشوء الحق المدعى به، وفقاً للمادة (24) من نظام المحاكم التجارية.
  • الدعاوى المدنية: تختلف مدة التقادم حسب نوع الدعوى:
    • دعوى إبطال العقود: سنة من تاريخ العلم بسبب الإبطال، وعشر سنوات من تاريخ التعاقد في حال عدم العلم بسبب الإبطال.
    • دعوى التعويض عن الأفعال الضارة: ثلاث سنوات من تاريخ العلم بالضرر والمسؤول عنه، وعشر سنوات من تاريخ وقوع الضرر.
    • دعاوى أصحاب المهن الحرة وأصحاب الحقوق الدورية المتجددة: خمس سنوات.
    • دعاوى حق الانتفاع وحق الارتفاق: عشر سنوات.

الأساس القانوني

يختلف الأساس القانوني للتقادم بين الدعاوى التجارية والدعاوى المدنية:

  • الدعاوى التجارية: يستند التقادم إلى نظام المحاكم التجارية والأنظمة التجارية الخاصة مثل نظام الأوراق التجارية ونظام الشركات.
  • الدعاوى المدنية: يستند التقادم إلى نظام المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (5/191) وتاريخ 29/11/1444هـ.

نطاق التطبيق

يختلف نطاق تطبيق التقادم بين الدعاوى التجارية والدعاوى المدنية:

  • الدعاوى التجارية: يشمل التقادم جميع الدعاوى التي تختص بنظرها المحكمة التجارية وفق المادة (16) من نظام المحاكم التجارية.
  • الدعاوى المدنية: يشمل التقادم الدعاوى المدنية التي تنظرها المحاكم العامة والمحاكم المتخصصة الأخرى.

كيفية الدفع بالتقادم في الدعاوى التجارية

الدفع بالتقادم هو وسيلة دفاع يستخدمها المدعى عليه لرد الدعوى المرفوعة ضده بحجة انقضاء المدة القانونية المحددة لرفع الدعوى. وهناك إجراءات وشروط محددة للدفع بالتقادم في الدعاوى التجارية.

شروط الدفع بالتقادم

لكي يكون الدفع بالتقادم صحيحاً ومنتجاً لآثاره، يجب توافر الشروط التالية:

  1. انقضاء المدة القانونية: يجب أن تكون المدة القانونية المحددة للتقادم قد انقضت فعلاً.
  2. عدم وجود ما يقطع التقادم: يجب ألا يكون هناك إقرار بالحق أو مطالبة قضائية أو أي إجراء آخر من شأنه قطع التقادم.
  3. عدم وجود عذر مقبول: يجب ألا يكون لدى المدعي عذر تقبله المحكمة لعدم رفع الدعوى خلال المدة القانونية.
  4. التمسك بالتقادم صراحة: يجب على المدعى عليه أن يتمسك بالتقادم صراحة أمام المحكمة، إذ لا تقضي المحكمة بالتقادم من تلقاء نفسها.

إجراءات الدفع بالتقادم

للدفع بالتقادم في الدعاوى التجارية، يجب اتباع الإجراءات التالية:

  1. تقديم مذكرة دفاع: يجب على المدعى عليه تقديم مذكرة دفاع يتمسك فيها صراحة بالتقادم، ويوضح الأساس القانوني للتقادم والمدة التي انقضت.
  2. تقديم الأدلة: يجب تقديم الأدلة التي تثبت تاريخ نشوء الحق المدعى به، وأن المدة القانونية للتقادم قد انقضت.
  3. الرد على دفوع المدعي: يجب الرد على أي دفوع يقدمها المدعي بشأن قطع التقادم أو وجود عذر مقبول.
  4. طلب رد الدعوى: يجب أن يتضمن الدفع بالتقادم طلباً صريحاً برد الدعوى لعدم سماعها بسبب التقادم.

وقت تقديم الدفع بالتقادم

يجب تقديم الدفع بالتقادم قبل الدخول في موضوع الدعوى، لأنه من الدفوع الشكلية التي يجب إبداؤها قبل الدفوع الموضوعية. ومع ذلك، يمكن إبداء الدفع بالتقادم في أي مرحلة من مراحل الدعوى، حتى أمام محكمة الاستئناف، طالما لم يتنازل المدعى عليه عن التمسك به صراحة أو ضمناً.

الآثار المترتبة على تقادم الدعاوى التجارية

يترتب على تقادم الدعاوى التجارية آثار قانونية مهمة، سواء بالنسبة للدائن أو المدين أو المحكمة.

أثر التقادم على الحق الموضوعي

من المهم التأكيد على أن التقادم لا يؤدي إلى سقوط الحق الموضوعي نفسه، وإنما يؤدي فقط إلى سقوط الحق في رفع الدعوى للمطالبة بهذا الحق. وبالتالي، يظل الحق قائماً، ولكن يفقد الدائن وسيلة إجبار المدين على الوفاء به قضائياً.

ويترتب على ذلك:

  1. بقاء الالتزام الطبيعي: يظل الالتزام قائماً كالتزام طبيعي، ويجوز للمدين الوفاء به اختيارياً.
  2. عدم جواز استرداد ما تم دفعه: إذا قام المدين بالوفاء بالدين المتقادم طواعية، فلا يجوز له استرداد ما دفعه بدعوى أنه دفع ديناً غير مستحق.
  3. جواز الاحتجاج بالتقادم كدفع: يجوز للمدين الاحتجاج بالتقادم كدفع لرد الدعوى، ولكن لا يجوز له رفع دعوى أصلية للمطالبة بإثبات التقادم.

أثر التقادم على الدعوى

يترتب على تقادم الدعوى التجارية عدم سماع الدعوى من قبل المحكمة، وذلك إذا تمسك المدعى عليه بالتقادم وتوافرت شروطه. ويترتب على ذلك:

  1. رد الدعوى شكلاً: تقضي المحكمة برد الدعوى شكلاً لعدم سماعها بسبب التقادم، دون النظر في موضوعها.
  2. عدم جواز تجديد الدعوى: لا يجوز للمدعي تجديد الدعوى بعد الحكم برفضها بسبب التقادم، حتى لو تغيرت بعض عناصرها.
  3. عدم التأثير على الضمانات: لا يؤثر تقادم الدعوى على الضمانات العينية للدين، مثل الرهن أو الامتياز، فتظل هذه الضمانات قائمة رغم تقادم الدعوى.

حالة تطبيقية: تقادم دعوى تجارية

لتوضيح الآثار المترتبة على تقادم الدعاوى التجارية، نستعرض الحالة التطبيقية التالية:

قامت شركة (أ) بتوريد بضائع لشركة (ب) بتاريخ 15/5/1440هـ، وتم الاتفاق على سداد الثمن خلال 60 يوماً من تاريخ التوريد. لم تقم شركة (ب) بسداد الثمن، ولم تقم شركة (أ) بالمطالبة به قضائياً إلا بتاريخ 1/6/1446هـ.

في هذه الحالة، يمكن لشركة (ب) الدفع بتقادم الدعوى، لأن الحق نشأ قبل نفاذ نظام المحاكم التجارية، وبالتالي تبدأ مدة التقادم من تاريخ نفاذ النظام (24/10/1441هـ)، وتنتهي بتاريخ 24/10/1446هـ. وحيث أن الدعوى رفعت قبل انتهاء مدة التقادم، فإنها تكون مسموعة.

أما لو افترضنا أن شركة (أ) لم ترفع الدعوى إلا بتاريخ 1/11/1446هـ، فإن الدعوى تكون غير مسموعة بسبب التقادم، ويحق لشركة (ب) الدفع بذلك، وتقضي المحكمة برد الدعوى شكلاً.

استراتيجيات عملية لحماية الحقوق من التقادم

في ضوء ما سبق، يمكن تقديم بعض الاستراتيجيات العملية التي يمكن للدائنين اتباعها لحماية حقوقهم من السقوط بالتقادم.

توثيق المعاملات التجارية

من أهم الاستراتيجيات لحماية الحقوق من التقادم هو توثيق المعاملات التجارية بشكل دقيق، وذلك من خلال:

  1. إبرام عقود مكتوبة: الحرص على إبرام عقود مكتوبة وموثقة لجميع المعاملات التجارية.
  2. الاحتفاظ بالمستندات: الاحتفاظ بجميع المستندات المتعلقة بالمعاملة، مثل العقود والفواتير وسندات القبض وإيصالات الاستلام.
  3. توثيق المراسلات: توثيق جميع المراسلات المتعلقة بالمعاملة، سواء كانت ورقية أو إلكترونية.
  4. تحديد تواريخ الاستحقاق: تحديد تواريخ استحقاق الحقوق بشكل واضح في العقود والمستندات.

المتابعة الدورية للحقوق

من الاستراتيجيات المهمة أيضاً المتابعة الدورية للحقوق، وذلك من خلال:

  1. إنشاء نظام للمتابعة: إنشاء نظام للمتابعة الدورية للحقوق المستحقة وتواريخ استحقاقها.
  2. المطالبة الودية: المطالبة الودية بالحقوق المستحقة قبل اللجوء إلى القضاء.
  3. التذكير المستمر: تذكير المدين بالتزاماته بشكل مستمر، سواء عن طريق المراسلات أو الاتصالات.
  4. مراقبة مدد التقادم: مراقبة مدد التقادم للحقوق المختلفة، واتخاذ الإجراءات اللازمة قبل انقضائها.

إجراءات قطع التقادم

من الاستراتيجيات الفعالة لحماية الحقوق من التقادم هو اتخاذ إجراءات لقطع التقادم، وذلك من خلال:

  1. المطالبة القضائية: رفع دعوى قضائية للمطالبة بالحق قبل انقضاء مدة التقادم.
  2. الإنذار الرسمي: توجيه إنذار رسمي للمدين عن طريق كاتب العدل.
  3. الحصول على إقرار بالدين: الحصول على إقرار مكتوب من المدين بالدين، سواء كان إقراراً صريحاً أو ضمنياً.
  4. الاتفاق على تمديد مدة التقادم: الاتفاق مع المدين على تمديد مدة التقادم، إذا كان ذلك ممكناً قانوناً.

الاستعانة بالمستشار القانوني

من الاستراتيجيات المهمة أيضاً الاستعانة بمستشار قانوني متخصص في القضايا التجارية، وذلك من خلال:

  1. الاستشارة القانونية المبكرة: الحصول على استشارة قانونية مبكرة بشأن الحقوق المستحقة ومدد تقادمها.
  2. مراجعة العقود: مراجعة العقود والمستندات من قبل المستشار القانوني للتأكد من سلامتها وكفايتها.
  3. وضع استراتيجية للمطالبة: وضع استراتيجية للمطالبة بالحقوق بالتنسيق مع المستشار القانوني.
  4. متابعة الإجراءات القانونية: متابعة الإجراءات القانونية للمطالبة بالحقوق بإشراف المستشار القانوني.

في شركة مصالحة للمحاماة والاستشارات القانونية، نقدم خدمات قانونية متخصصة في مجال الدعاوى التجارية، ونساعد عملاءنا في حماية حقوقهم من السقوط بالتقادم. للاستفسار أو الحصول على استشارة قانونية، يمكنكم التواصل معنا على الرقم 00966593115688 أو عبر البريد الإلكتروني musalaha.law@gmail.com.

الأسئلة الشائعة حول تقادم الدعاوى التجارية

هل يسقط الحق نفسه بالتقادم أم الدعوى فقط؟

يسقط بالتقادم الحق في رفع الدعوى للمطالبة بالحق، وليس الحق نفسه. فالحق يظل قائماً كالتزام طبيعي، ويجوز للمدين الوفاء به اختيارياً، ولا يجوز له استرداد ما دفعه بدعوى أنه دفع ديناً غير مستحق.

هل تقضي المحكمة بالتقادم من تلقاء نفسها؟

لا، لا تقضي المحكمة بالتقادم من تلقاء نفسها، بل يجب على المدعى عليه أن يتمسك به صراحة أمام المحكمة. فالتقادم ليس من النظام العام، وبالتالي يجوز للمدين التنازل عنه صراحة أو ضمناً.

هل يمكن الاتفاق على مدة تقادم مختلفة عن المدة المحددة في النظام؟

من حيث المبدأ، لا يجوز الاتفاق على مدة تقادم أطول أو أقصر من المدة المحددة في النظام، لأن أحكام التقادم من القواعد الآمرة التي لا يجوز الاتفاق على مخالفتها. ومع ذلك، يمكن للمدين التنازل عن التقادم بعد اكتماله.

هل يقطع التقادم إرسال رسالة عادية أو بريد إلكتروني للمدين؟

لا، لا يقطع التقادم إرسال رسالة عادية أو بريد إلكتروني للمدين، ما لم يتضمن ذلك إقراراً من المدين بالحق. فالمطالبة العادية لا تقطع التقادم، وإنما تقطعه المطالبة القضائية أو الإنذار الرسمي عن طريق كاتب العدل.

هل يسري التقادم خلال فترة التفاوض بين الدائن والمدين؟

نعم، يسري التقادم خلال فترة التفاوض بين الدائن والمدين، ما لم يتضمن التفاوض إقراراً من المدين بالحق، أو اتفاقاً على تأجيل السداد، فهذا يقطع التقادم وتبدأ مدة جديدة من تاريخ الإقرار أو الاتفاق.

هل يسري التقادم على الحقوق المتنازع عليها؟

نعم، يسري التقادم على الحقوق المتنازع عليها، ما لم يتم رفع دعوى قضائية بشأنها، فرفع الدعوى يقطع التقادم. ومجرد وجود نزاع حول الحق لا يوقف سريان التقادم.

هل يسري التقادم على الحقوق المضمونة برهن أو امتياز؟

نعم، يسري التقادم على الحقوق المضمونة برهن أو امتياز، ولكن تقادم الدعوى لا يؤثر على الضمانات العينية للدين، فتظل هذه الضمانات قائمة رغم تقادم الدعوى.

الخاتمة

تقادم الدعاوى التجارية هو مبدأ قانوني مهم في النظام القضائي السعودي، يهدف إلى استقرار المعاملات وحماية المراكز القانونية. وقد حدد نظام المحاكم التجارية المدة العامة للتقادم في الدعاوى التجارية بخمس سنوات من تاريخ نشوء الحق المدعى به، مع وجود استثناءات في بعض الأنظمة الخاصة.

ومن المهم جداً للأفراد والشركات الانتباه إلى مدد التقادم المختلفة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية حقوقهم من السقوط بالتقادم. ويتضمن ذلك توثيق المعاملات التجارية، والمتابعة الدورية للحقوق، واتخاذ إجراءات قطع التقادم في الوقت المناسب.

لقد استعرضنا في هذا المقال مفهوم تقادم الدعاوى التجارية في النظام السعودي، والمدة العامة للتقادم، والاستثناءات الواردة عليها، وحالات قطع التقادم وإيقافه، والفرق بين تقادم الدعاوى التجارية والدعاوى المدنية، وكيفية الدفع بالتقادم، والآثار المترتبة على التقادم، واستراتيجيات عملية لحماية الحقوق من التقادم.

ومع اقتراب انتهاء المدة الخمسية الأولى لتطبيق نظام المحاكم التجارية في 24/10/1446هـ، فإننا نؤكد على أهمية المبادرة بمراجعة جميع الحقوق التجارية التي نشأت قبل نفاذ النظام، واتخاذ الإجراءات اللازمة للمطالبة بها قبل سقوطها بالتقادم.

هل لديك حقوق تجارية مستحقة لم تتم المطالبة بها بعد؟ هل أنت قلق بشأن احتمال سقوط حقوقك بالتقادم؟ لا تتردد في التواصل مع فريقنا القانوني المتخصص في شركة مصالحة للمحاماة والاستشارات القانونية. نحن نقدم استشارات قانونية متخصصة في مجال الدعاوى التجارية، ونساعدك في اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية حقوقك.

يمكنكم التواصل معنا على الرقم 00966593115688 أو عبر البريد الإلكتروني musalaha.law@gmail.com أو زيارتنا في مقرنا بـ حي الجفيجف، الطائف، المملكة العربية السعودية.

لا تدع حقوقك تسقط بالتقادم، بادر بالتواصل معنا اليوم لضمان حماية مصالحك التجارية والقانونية.